السدود على وشك الجفاف.. الإيرانيون يواجهون أزمة مياه وكهرباء متفاقمة

السدود على وشك الجفاف.. الإيرانيون يواجهون أزمة مياه وكهرباء متفاقمة
أزمة مياه وكهرباء متفاقمة في إيران - أرشيف

في تصاعد غير مسبوق لأزمة البنية التحتية، يشهد الإيرانيون يوميًا انقطاعات متكررة في المياه والكهرباء، وسط تحذيرات من انهيار شامل لمنظومة الطاقة والمياه في البلاد، وتبادل اتهامات بين المواطنين والسلطات، وبينما تؤكد الجهات الرسمية أن موجات الجفاف وتراجع الأمطار هما السبب، يرى خبراء أن سوء الإدارة، و"مافيا الطاقة"، هما السبب الحقيقي للأزمة.

وأعلنت شركة المياه والصرف الصحي في طهران، أن موارد المياه في العاصمة تراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ 100 عام، ووصفت الوضع الحالي بأنه الأسوأ منذ ستة عقود من حيث ندرة الأمطار وتوالي سنوات الجفاف، بحسب ما ذكرت شبكة “إيران إنترناشيونال” اليوم الاثنين.

وبحسب البيان الرسمي، فإن مخزون سدود طهران لا يتجاوز 414 مليون متر مكعب، مقارنة بـ925 مليون متر مكعب في الوضع الطبيعي لهذا التوقيت من العام، أما سد "لار"، فقد تمتلئ منه 7% فقط من طاقته، بانخفاض نسبته 34% عن العام الماضي، وهو مؤشر "بالغ الخطورة"، بحسب ما ورد.

وتوصي السلطات السكان في الأبنية المرتفعة بتركيب خزانات مياه ومضخات خاصة، لمواجهة الضغط المنخفض أو الانقطاع التام، في ظل استمرار الأزمة.

عطش في المدن الكبرى

عبر رسائل وصلت إلى "إيران إنترناشيونال"، أفاد مواطنون من مدن مثل: برديس، كرمدره، مشهد، وشهريار، بغياب المياه كليًا لساعات طويلة، وأحيانًا لأيام. 

وقال أحد السكان في برديس: "مرّ علينا يوم كامل بلا نقطة ماء.. عدنا لاستخدام الإبريق".

وأكد مواطن آخر من "كرمدره" أن المياه لم تصل إلا لـ11 ساعة فقط خلال خمسة أيام متتالية، بينما اشتكى أحد سكان طهران من انقطاع دام 6 ساعات، وعلق ساخرًا.. "هذه إحدى قمم التقدّم الإيراني".

وباتت الانقطاعات الكهربائية اليومية، التي تتراوح بين ساعتين إلى ثماني ساعات، تشلّ الحياة والعمل في عدد من المدن الكبرى، أبرزها: مشهد، تبريز، إيرانشهر، وبرند. 

مولدات كهرباء بدائية

تسببت الانقطاعات الكهربائية اليومية في تعطل الأعمال، وتلف المواد الغذائية، وتوقف الاتصالات، فيما يلجأ بعض التجار إلى مولدات كهرباء بدائية لتسيير أنشطتهم.

وقال أحد المواطنين: "من الثامنة صباحًا حتى غروب الشمس لا كهرباء لدينا. لا في المنزل، ولا في مكان العمل. لقد حاصرونا تمامًا".

وأضاف مواطن يعمل خياطًا في مشهد: "الكهرباء تُقطع مرتين يوميًا، ولم يعد ممكنًا مواصلة العمل بهذا الشكل".

وأظهرت مقاطع فيديو، أرسلها مواطنون، تضرر مخابز ومتاجر بعد تعفن العجين وفقدان السلع الصالحة للبيع، بسبب انقطاع التيار.

خبراء يتحدثون عن "مافيا الطاقة"

رغم اتساع الأزمة، حمّل رئيس مجلس بلدية طهران، مهدي تشمران، المواطنين مسؤولية تفاقم الوضع، داعيًا إلى "الترشيد في استهلاك المياه"، متجاهلًا شكاوى سكان العاصمة من انقطاعات يومية تصل أحيانًا إلى 24 ساعة.

وفي المقابل، حملت بنَفشه زهرائي، أستاذة إدارة الموارد المائية بجامعة طهران، تحذيرًا صريحًا من أن السدود الأربعة الرئيسة المغذية لطهران قد تجف بالكامل بحلول سبتمبر المقبل.

وأكد الخبير البيئي منصور سهرابي أنه "لا مصادر متاحة لتعويض المياه المفقودة"، مضيفًا أن الأزمة تتعمّق، وليس هناك أي خطة واقعية لمواجهتها.

ونقل موقع "إكو إيران" أن 54% من خزانات السدود في إيران فارغة تمامًا، وأن 17 سدًا تحتوي على أقل من 20% من طاقتها، بينما وصلت نسبة الامتلاء في 10 سدود إلى أقل من 10%.

ويحمّل الخبير البيئي روزبه إسكندري شبكة معقدة من النفوذ ما وصفه بـ"مافيا الطاقة"، التي تتكون من مسؤولين وشركات ومقاولين نافذين، مسؤولية الفشل في تطوير أو صيانة البنية التحتية الحيوية في البلاد.

تبعات اجتماعية خطيرة

مع استمرار الانقطاعات، وتزايد الغضب الشعبي، حذّرت تقارير محلية من تصاعد السخط الاجتماعي، وتعميق الفجوة بين المواطنين والسلطات، في وقت يطالب فيه الإيرانيون بإجابات واضحة، لا شعارات تبريرية.

وأكد مراقبون أن الأزمة الحالية تتجاوز مجرد ندرة في الموارد، وتكشف عن خلل هيكلي في التخطيط والحكومة، وضعف استثمار الدولة في البنية التحتية الحيوية، رغم العقود الطويلة من العوائد النفطية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية